Translate

الأحد، 24 مايو 2015

قصة قصيرة بعنوان " أبو هريرة " للشاعر والقاص :و فيروز


ليلة إستثنائية من فصل الشتاء ، مطر غزير جدا ، العاصفة مخيفة قوية كأنها ستقتلع جدران البيت ، ظلام موغل في السواد حتى أنني لا أستطيع التنقل داخل البيت ، البرد ازدادت إبره وخزا وإيلاما ، فكرت في أن كتفي بالجلباب و أمنح الغطاء كله لزوجتي الحامل و التي كانت في شهرها التاسع ، وهي غارقة في نومها ، وضعت يدي خلسة على بطنها أحست بفرحة عارمة كأنها مخدر ، غفوت قليلا... فجأة إستيقضتْ على و هي تناديني بصوت مختلط بألم المخاض ، قائلة أحس بأنني سألد الآن إفعل شيئا ، إفعل شيئا . قمت مذعوراً أتلمس الحائط باحثا عن مكبس الكهرباء ، لا كهرباء.... سألتها عن شمعة كانت هنا ذات ليلة ، لم تجب كان أنينها يملأ البيت ، لولا العاصفة لكان وصل إلى أبعد بيت في الحي ، تذكرت الهاتف ، لقد أنساني أنينها مكانه ،لم أعثر عليه إلا بعد جهد جهيد ، ياللكارثة لاحرارة فيه ، أزلت البطارية ثم أعدتها ، بدون فائدة ، إقتربت منها أحسست لأول مرة بأنني ضعيف جدا ، خانتني قواي حاولت أن أهدئ من روعها و أنا أمرر يدي على بطنها ، حالتها ازدادت سوء ، حتى الحي ليست فيه قابلة ، وحتى و إن وجدت كيف الوصول اليها ....! المطر غزير جدا و كأن السماء لم تكتف بالقطرات فضاعفت صبيبها لتفرغ كل ما في سحابها من ماء أخذتني نوبة هستيرية من البكاء ، أخرجت الهاتف ، عادت إليه حرارته ، إتصلت بصديقي البرلماني الذي كنت يده اليمنى أثناء الإنتخابات .... عشرون مرة و أنا أحاول الإتصال به دون جدوى .... أجابني بصوت غاضب جداً ماذا تريد مني في هذه الساعة .. أرجوك زوجتي ستموت إنها على وشك أن تضع حملها ،توسلت إليه باكيا أن يجد لي حلاً ، ستموت ستموت ...أنقذني جازاك الله خيرا ، ساعدني أرجوك ، أجابني بجفاء، لا عليك سأتصل بالمستشفى ،نصف ساعة و ستحضر سيارة الإسعاف ،ثم أغلق الهاتف، إنتظرت طويلا...لم أقو على الإتصال به مرة أخرى خوفا من غضبه ، وربما من إنتقامه . هدأ صراخ زوجتي بل تحول إلى أنين ، بدأ يخفت قليلا ، إلى أن عاد الى البيت سكونه . قلت في نفسي الحمد لله ربما تأجل الوضع... تسلل ضوء الصباح إلى عيني ، قمت مذعورا إلى زوجتي لأطمئن عليها... وجدتها جثة هامدة... مرت سنتان ، و في ليلة من ليالي فصل الشتاء كتلك التي مازالت راسخة في ذهني ، سمعت مواء هرة ، ظننته في بادئ الأمر صوت صبي ، لقد ضايقني كثيرا ، كان الأنين كمسمار تدقه مطرقة في رأسي ، أخذت المصباح اليدوي وخرجت أبحث عن مصدر الصوت ، هرة بجانب الحائط مبللة عن آخرها ، بطنها منتفخ جدا ، أخذتها بين يدي إستسلمت ... أخذت مجفف الشعر الكهربائي ، فروتها ناعمة كستنائية ، ملأت صحنا صغيرا بالحليب الدافئ لعقته بنهم ، ملأته مرة أخرى ،تركتها وعدت إلى فراشي ، إستيقضت صباحا قبل أن أغسل وجهي ذهبت إليها أتفقدها ، كم كانت فرحتي عارمة ، وضعت حملها ، ستة جراء ، نظرت إلي نظرة غريبة جدا كأنها تشكرني .... كبرت جراؤها ، كنت آخذها معي أينما ذهبت حتى أنهم لقبوني ب" أبو هريره" في المقهى لا أحد يستطيع في غيبته أن يمس أغراضه الشخصية ، حتى أنه وضع صورتها في خلفية شاشة الهاتف ،كل أصدقائه لهم على أياديهم آثار خدوش مخالبها ، بل أصبحت نجمة المقهى ، بين الحين و الآخر يداعبها صديق قائلا هريره ... هريره ... كيف الحال.... رن الهاتف ، نظر إليه مليا ،ناداها هريره تعلقت بصدره ، إمتطى دراجته النارية وضعها في سلة بلاستيكية خلفه ، أبتلعه الزحام ...
الشاعر ابوفيروز
~ المغرب ~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق