Translate

الأحد، 7 أغسطس 2016

اللغة في علاقتها بالانشاد / بقلم سيديعلي غوبيد


.. وحتى في الزجل والإرتجال ، فليس أمام الشاعر من عذر حين يختار المعنى المراد تبليغه في الإنشاد أن يخطئ في الألفاظ الحاملة له .. فالبيت كلمة والكلمة رصاصة إذا خرجت فليس لها من عودة أو رجعة .. فلنستمع إلى الزجال المغربي حين قال :
.
ـ ديري السُّكَّرْ فْلْسانْكْ أَلْحْبيبة وْ كُبِّي مْنُّو كاسْ 
ـ يا وْبْلاَ فاخْرْ راهْ طالْعْ حتى النعناعْ دايْراَ لُو لْقياسْ
.
جميل .. فمن ثنايا البيت يتضح أن الشاعر يريد أن يظهر للمتلقي أن ريقَ حبيبته حلوٌ المذاق ولذيذ و" مُنَعنع" ككأس شاي " طالع " على الفحم والفاخر ، وهذا هو المقصود .. إلا أن شاعرنا حدثت له حادثة اللقلاق الذي أراد أن يُقبِّلَ فرخَه ففقأ له عينَه ! وعوض أن يمدح حبيبته ويرفع من شأن ريقها ، ذمه وانتقص من شأنه فهجا من خلاله معشوقته فقال : " ديري السكر " !! ، فهذا يعني أن ريق الخليلة مُزٌّ لا يحتوي على حلاوة حتى يلتمس منها إضافة السكر ! فكان عليه أن يقلب بين لفظتي " السكر والنعناع " ليتَّسقَ المعنى و يصبح :
.
ـ ديري النعناعْ فْلْسانْكْ أَلْحْبيبة وْ كُبِّي مْنُّو كاسْ
ـ يا وْبْلاَ فاخْرْ راهْ طالْعْ حتى السُّكَّرْ دايْراَ لُو لْقياسْ ..
.
وهكذا يكون المعنى قد أدى المعنى ، ويكون للبيت فعلا عمق البيت ووزن .. ليكون خادما مُنْشِياً يستقر في النفس قبل أن يلجَ سَمَّ الأذن .. ! ... تصبحون على ألف خير ...
.
.
~~~
~~~~~~
~~~~~~~~~~~~~إمضاء : سيديعلي غوبيد ~~~~~~~~~~~~~~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق