Translate

الأحد، 7 أغسطس 2016

جاه القناعة / بقلم رانيا أقلعي


داعبت الشمس خدي وكأنها تريد إيقاظي، لبيت طلبها واستمتعت للحظات بجمال شروقها، فاستحليت المشي رفقة النسيم الخفيف وهدوء المدينة حوالي الساعة السابعة صباحا، ينعش السكون ذهني وأحس براحة ميثالية تولد في ذاتي شحنات من الطاقة الإيجابية، والشارع أمامي طويل، أرى فيه مساري ونجاحي، وأثمن قناعتي أن الوصول إلى المبتغيات يزكيه الصبر وقوة الطموح...
قطع سكينتي بصوت خشن يصدر من جهته، فصلني عن خلوتي، أحس بذلك فنظر إلي بحياء، يريد طلب السماح لكنه حائر في كيفية قولها، فهو ليس مذنبا فيما فعل منطقيا، تدخلت عيني بسرعة وابتسمت قبل أن أحرك شفتاي، فاطمئنت ملامحه،
دام صمتي لثوان أبحث عن كلمة أداوي بها الموقف دون إحراجه، فكانت تطوان أسرع وأفضل ما نطقت به، بمرح شاركته استمتاعي، تطوان جميلة صباحا والجو هادئ، أ ليس صحيحا يا عمي؟
ردا عليا بمحياه البشوش: تطوان جميلة في كل الأوقات، لكن للصباح طعم خاص، و يبدو أنك صغيرة لم تعاصري أيام تطوان المجيدة، أيام الخير والبركة، بعد دقائق من الحوار أحسست أني أعرف هذا الشخص عز المعرفة، ببساطته وعفويته و رضاه بما قسم له الله في الحياة، أعرفه دون معرفة حقيقية بل هي معرفة أصالة وأخلاق وقناعة، أثناء هذه الوصلة الجميلة والحوار الشيق، تدخل كيس قمامة مرمي بالضبط من الطابق الرابع من عمارة شاهقة بشارع الجيش الملكي، غضبت لدرجة أني صرخت على السيدة لقلة أدبها، لكنها بكل برودة دخلت من شرفتها وكأنها لم ترتكب جرما أخلاقيا، طلب مني الهدوء و عدم الاكثرات بكلمات لا زالت راسخة بعقلي و عالقة بأذني: إنه عملي و أنا به راض، أعمل نهارا أو ليلا، ترمى علي النفايات من العمارات التي يسكنها أشخاص متعلمون مثقفون، لا يحترمون سني ولا ظروفي، وأجمعها من الأرض حيث الأقدام تمر بلا شفقة كأني لست بشرا ومواطنا مثلهم، لكن أتجاوز هذا بحلاوة العرق الذي يتصبب مني في كل دقيقة، و كوني أبا ناجحا ربيت أولادي وأحفادي على طاعة الله ورسوله،
قبلت يده التي سحبها بسرعة، وطلبت منه صورة للذكرى وأمنني أن أنقل معاناة عمال النظافة في شق سوء المعاملة من الناس، بعد توديعه، سارعت في البحث عن أول كرسي لأكتب مقالة عما طلبه مني، ترك في نفسي انطباعات تفاؤلية كثيرة، أقواها أن البساطة سر السعادة.
رانيا أقلعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق