Translate

الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

سلطة الحب وحب السلطة في القصيدة العربية ... بقلم ثريا بن الشيخ


مقدمة : موضوع شائق و خلافي جدا لما ينطوي عليه من أبعاد لسانية وسوسيوثقافية وتاريخية و جغرافية تكسبه طابعا اشكاليا لا يخلو من مزالق ..ولما كان ومنذ الازل للكلمة سلطان كبير على العقول والقلوب ، كان لها دور كبير في وعي الإنسان بنفسه وبحركة التاريخ ؛ فبوساطتها انتقل حلم الإنسان بالخلود من المستوى الميثولوجي الأول إلى مستويات أكثر تعقيدا وانخراطا في إنشاء وجود جديد بديل عن واقع غالبا ما يكون مربكا او مرفوضا ..فالكلمة الطيبة وسيلة الإنسان في محاكاة الوجود في أبعاده الإيجابية . ولها دور كبير تمارس فيه السطوة على الأشياء لتخضعها لرهانات إنسانية نبيلة ...الكلمة الطيبة سلطة في حد ذاتها يقول سبحانه وتعالى " الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفروعها في السماء ، توتي أكلها كل حين بإذن ربها ....." ص ...وقد ارتفع دورها إلى انبل ما يمكن ان تصبو إليه في قوله تعالى :" ..اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه .."
لا نريد الخوض في البعد الفلسفي او العقدي للموضوع ، وإنما تنطلق من القصيدة العربية مهادا نعتمده نصا مفتوحا قد تختلف القراءات المنهجية حوله وتتفق في كونه مجالا خصبا لتيمة سلطة الحب في أبهى صورها . قد يعتقد أثناء مقاربة سريعة وعاجلة للشعر العربي انحصار تيمة الحب في المقدمات الغزلية ؛ الا أنها وضمن استراتيجية الشعر القديم كانت المكان الوحيد الذي يعبر فيه الشاعر عن ذاتيته . فهي متنفسه ، وبها ترتفع قيمته بين غيره من الشعراء . لا احد يجادل في كون أطروحة المقالة -القصيدة بين سلطة الحب وحب السلطة - تقوم على ضرورة تغيير نظرتنا الى مقاربة الإبداع الشعري وفق منظور آخر يخرجه من نفق الأحكام الجاهزة إلى التركيز على طريقة تشكله وآليات اشتغاله . وان نحن انطلقنا من عيون الشعر العربي القديم ، نجد أن القصيدة التأسيسية قد قدمت انموذجا راقيا لسلطة الحب ممثلة في معلقة امرىء القيس ؛ فهو الشاعر الأمير الذي تنازل عن مجد ابيه لبناء تاريخ جديد يتفرد فيه بوجود أسطوري لا تنازعه فيه اي سلطة عابرة . وقد قام بتأجيل كل الطموحات السلطوية من أجل عشقه للشعر ولما يمثله له من عوالم تضمن له ما هو في حاجة إليه من توازنات : " اليوم خمر وغدا أمر " ..تصريح مأثور ربطه في الذهنية العربية بالتمرد على القيم السائدة في مجتمعه ....يتبع ...ثريا بن الشيخ ..30 /12 /2015 /الرباط ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق