Translate

الأحد، 17 مايو 2015

قصيدة بعنوان " بعد لم يعد الزورق... "للشاعر أبو فيروز


جلست... و قالت 
في البدءِ كانَ البحر
في البدءِ كانَ أزرقْ
في البدءِ كانَ أعمقْ
خلف جدرانهِ رأتْ ينبتُ التينُ
ينبت نوعاً آخر من الخبزِ
ينبت نوعاً آخرَ من الأحلامِ
ونوعاً آخرَ من الزنبقْ
ألبحرُ مند البدءِ كانْ ...
كانَ دمعة آلهٍ
كانَ أحمقْ
كانَ يعشقْ
كلَّ من ركبتْ أحلامُه زورقْ
سيغرقْ ... سيغرقْ
جلستْ... بعضَ عام
ألمصابيحُ مطفاةٌ
ألهاتفُ مُغلقْ
و البيتُ مُغلقْ
تخشى طرقَ بابَ غرفتهِ
ربما عاد مُتعباً ، ربما ...
سأتركُه بعضَ الوقتِ ينامْ
فلا حقَّ للمذياعِ في أغنيةٍ
ولاحقَّ لجارتها في الكلامْ
سأتركهُ بعض الوقتِ ينامْ
ألصمتُ في البيتِ يكبرْ
والكرمةُ التي كانتْ تظللهُ إذا عادْ
تكبرْ ، تكبرُ عاماً بعد عامْ
فلا الزورقُ عادْ
ولا هو عادْ
و عدتُ أنا إلى سابقِ أحلامي
جزيرتان عيناها والشواطئ أجفانْ
تضرب أحزاناً بأحزانْ
سكانُها أحزانْ ، طيورها أحزانْ
والأشجارُ أحزانْ والزهورُ أحزانْ
تعدُّ في الشاطئِ أنفاسَ البحرْ
على أصابعِها ، موجةٌ مائةٌ مائتانْ
وهي تأتي وتترحلُ في اتجاهِ المجهول
تُصغي إلى نبضِ القلبِ
على إيقاعِ الموجِ يصعدُ ، ينزلُ
يعض على أصابعه من شدة الندمْ
يعصره الألمْ
ليت قلبي قالت زورقه
ليت جفني كان الشراعْ
والكبد ليت كان الذراعْ
ليت البحر يعي إحزاني
يرجعه ، أنام دهرا ملءَ أجفاني
ليته يرجعهُ
سأمنعهُ إذا عادْ
من الرحيلِ سأمنعهُ
شلواً شلواً سأجمعهُ
على كتفي سأرفعهُ
في حديقةِ القلبِ
في غرفةِ النومِ
سأغلقُ خلفه البابَ إذا عادْ
إذا عادَ سأغلقُ حوله أجفاني
مرت سنةٌ ... إثنانْ
فلا الزورقُ عادْ
ولا هو عادْ
كان خبزاً ، كان ماءً ، كان هواءْ
كان خريفاً ، كان ربيعاً ، كان شتاءْ
كان فجراً ، كان صباحاً ، كان مساءْ
هل تسمعُ قلبي
وقلبكَ هل يراني
في حضن أي موجةٍ تجلس الآنْ
في حضن أي امرأةٍ تَحلمُ أنتَ الآنْ
أم تقرأ جريدةً
وتحتسي كأسَ شايٍ في مقهى إسباني
وهل بإمكانك أن تحلمَ كالعصافيرِ بحبةِ قمحٍ
وأن تعودَ سالما إلى عشك في المساءْ
وهل غيرتَ رأيكَ في رائحةِ خبزنا
ترى ... أم نسيتَ طعم التينِ والزيتونِ
والنومَ في أحضاني
أم غيرت ْسطوتَكَ على القلبِ قارئةُ فنجانِ
وهل أعطاكَ الموتُ فسحةً كي تتأمل صورتي
أم أن شرطةَ الأحلامِ صادرتْ أحلامكَ
وصادرتْ صورتي و عنواني
القلبُ كالفراشاتِ ، فالفراشاتُ لا تموت
فإنْ احترقتْ ...
عادتْ لكن بصيغةِ فراشٍ ثانِ
فلا أنتَ عدتَ
ولا الزورقُ ولا الرفاقُ
لكي أُغيرَ من صيغةِ أحزاني
كان زوجاً ، كان أباً ، كان طفلاَ
كان حزناً ، كان فرحاً ، كان حفلاَ
كان شوقاً ، كان عشقًاً ، كان خلاَ
كان برداً ، كان حَراً ، كان ظلاَ
أما أنا ...قبلةٌ بلا أحضانْ
نظرةٌ بلا أجفانْ
أنا كومةُ أحزانْ
أنا بقايا إنسانْ
بقايا إنسان ليس إلا
فلا الزورق عاد
ولا هو عاد
ولا الرفاق ...
وأنا عدت إلى سابقِ أحزاني
الشاعر ابوفيروز
~ المغرب ~

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق